أدوات البحث الميداني
إذا أراد طبيب أن يجري عملية جراحية معينة فإن تارة قد يستخدم المشرط الطبي لمهمة محددة وتارة السماعة… وغير ذلك من الأدوات. وقسّ على ذلك كافة المجالات العملية. ومن المجالات التي تنتمي إلى المعرفة والتطبيق في آن واحد هو مجال البحث العلمي الميداني. والبحث الميداني له أدواته الخاصة أيضاً والتي هي في مجملها تسمى أدوات البحث الميداني للبحث. حيث يقوم الباحث باستخدام أدوات الدراسة في جلب المعلومات المطلوبة من أفراد العينة. والبحث الميداني وأدواته مصطلحات تتطلب الوقوف على تعريفاتها والتعرف عليها عن قرب، وهذا ما سنقوم به في الفقرات القادمة…. .
ماذا تعني أدوات البحث الميداني؟
مصطلح أدوات دراسة البحث الميداني هو مصطلح مركب من شقين، الشق الأول هو أدوات الدراسة والشق الثاني هو البحث الميداني. ولهذا نعرف الشقين أولاً ثم نجمع بينهما في تعريف واحد.
أولاً: أدوات الدراسة: وهي عبارة عن وسائل يستخدمها الباحث في جمع البيانات من المصادر المباشرة لها سواء كانت هذه المصادر أفراد عينة أو ظواهر، وأدوات الدراسة هي المحددات التي من خلالها يخاطب الباحث أفراد العينة أو يراقب الظواهر.
ثانياً: البحث الميداني: هو البحث الذي ينزل فيه الباحث إلى ميدان العمل ويقوم بعمليات المخالطة والملاحظة والمناقشة والاستنتاج. وهذه المخالطة تكون مع أفراد العينة أو بالاندماج مع الظواهر.
الآن يمكن القول بأني أدوات دراسة البحث الميداني هي: وسائل يستخدمها الباحث لإتمام جمع المعلومات الميدانية بالمخالطة مع أفراد العينة أو الاندماج مع الظواهر المدروسة.
وقبل الانتقال إلى الفقرة التالية ننوه لارتباطات خاصة بهذه التعاريف:
- في تعريفنا لأدوات دراسة البحث ذكرنا أنها موجهة إما لأفراد عينة (أشخاص حقيقيين) أو لظواهر.
- أدوات الدراسة في البحث الميداني تقوم على هدف أساسي وهو جمع المعلومات التي يتطلبها مضمون البحث الميداني.
- البحث الميداني يكون من خلال الباحث نفسه وانخراطه مع أفراد العينة أو الاندماج مع الظواهر. مما يعني المباشرة في جلب المعلومات من مصادرها.
أهم أدوات الدراسة في الأبحاث:
أدوات البحث الميداني تعتبر من أساسيات العمل في المجال المعرفي. إذ أن أدوات الدراسة هذه هي التي توفر المعلومات الأساسية التي سينبني عليها مضمون البحث الميداني كاملاً. وتأتي أدوات دراسة البحث الميداني بأنواع مختلفة وهي:
أولاً: الاستبيان:
من أكثر أدوات دراسة البحث الميداني المستخدمة في دراسة أفراد العينة وجمع المعلومات، هو الاستبيان. بل ويعتبر هو الأداة الأكثر شيوعاً. والناظر إلى الاستبيان يجد أنه عبارة عن أسئلة يقوم الباحث بتوجيهها إلى أفراد العينة. ويقوم أفراد العينة بالإجابة على هذه الأسئلة وبهذا يتمكن الباحث من جمع المعلومات البحث الميداني.
ثانياً: الملاحظة:
إذا كان الاستبيان من أدوات دراسة البحث الميداني بطريقة التعامل مع أفراد عينة البحث الميداني لجمع المعلومات بشكل مباشر من أفراد هذه العينة، فإن الملاحظة هي أداة من أدوات دراسة البحث الميداني تقوم على جمع المعلومات من الظواهر، ففيها يقوم الباحث بعملية مراقبة ومشاهدة لظواهر محددة وتسجيل الملاحظات، وهذه الملاحظات يتم فرزها واستخلاص المعلومات التي يحتاجها البحث الميداني، ولابد من التنويه إلى أن الملاحظة يمكن أن تتعامل مع أفراد عينة ولكن عن طريق المشاهدة أيضاً، على سبيل المثال ملاحظة تصرفات مجموعة أفراد (الطلاب) في ظل ظروف معينة.
ثالثاً: المقابلة:
في هذه الأداة يقوم الباحث بالنزول إلى أفراد عينة البحث الميداني ومقابلة هؤلاء الأفراد. والمقابلة في البحث الميداني هي أشبه بلقاء صحفي يقوم فيه الباحث بالحوار مع أفراد العينة. بهدف جمع المعلومات المطلوبة من هؤلاء الأفراد. وتتميز المقابلة بأنها تتفاعل بشكل مباشر مع أفراد العينة حيث أن الباحث يتحدث وجهاً لوجه معهم.
رابعاً: المسح:
من أدوات دراسة البحث الميداني المسح الذي يتم خلاله اجراء دراسة موسعة على أفراد عينة البحث الميداني أو ظواهر البحث الميداني، وجمع الباحث للمعلومات يكون بالوصول إلى أرقام ونسب من خلال معلومات هذا المسح، ومن الأمثلة التي يدخل فيها المسح في البحث الميداني قيام الباحث بعملية المسح لآراء الناس قبيل حصول انتخابات للوصول إلى مضمون البحث الميداني شاملاً على المتغيرات المختلفة التي مثلتها آراء الناس.
أدوات الدراسة في البحوث مهمة جداً… تعرف على أهميتها:
تلعب أدوات البحث الميداني دوراً مهماً في إتمام الباحث إعداد البحث الميداني بمعلوماته الكاملة. والنقاط التالية توضح أهم الفوائد لأدوات الدراسة في البحث الميداني:
- مشكلة البحث الميداني لا يتم الإحاطة بها إلا بقيام الباحث بجمع المعلومات لها. وهذه المعلومات تتطلب من الباحث استخدام أدوات الدراسة وتوجيهها لأفراد العينة. إذاً فهي جزء من الوصول إلى نتائج البحث الميداني.
- من خلال أدوات الدراسة يتمكن الباحث من الوصول للحقائق والمعلومات الصحيحة، لأنها تقوم بأخذ المعلومات من مصادرها مباشرة وهي أفراد عينة البحث الميداني أو الظواهر التي يتناولها البحث الميداني.
- تعطي أدوات الدراسة فرصة كبيرة للباحث بأن يندمج مع أفراد عينة البحث الميداني أو الظواهر التي يدرسها البحث الميداني، مما يعني تعرف الباحث على أفراد العينة والظواهر، وبالتالي الحصول على كم أكبر من المعلومات.
- أدوات دراسة البحث الميداني يتمكن الباحث من خلالها بالوصول إلى بعد فكري تفسيري للمعلومات التي يجمعها، بمعنى أن الباحث عندما يجد معلومات أمامه ولم يشارك في جمعها بنفسه فإن فكره يظل قاصراً عن هذه المعلومات، وأما عندما يقوم الباحث بجمع المعلومات بنفسه فإنه بذلك يكون قادراً بشكل أكبر على التحليل والتفسير والمناقشة.
- من خلال أدوات دراسة البحث الميداني يتم الحصول على فرضيات ومتغيرات جديدة لتدعيم محتوى البحث الميداني.
- البحث الميداني من اسمه يتطلب من الباحث النزول بنفسه، وهذا ما تحققه هذه الأدوات، على سبيل المثال الملاحظة والتي يقوم فيها الباحث بمشاهدة الظواهر رأي العين وتدوين ما يشاهده.
شروط استخدام أدوات الدراسة في الأبحاث:
ليس كل استخدام لأدوات البحث الميداني يعتبر استخداماً صحيحاً يعطي الباحث النتائج التي يريدها، وذلك لأن هذا الاستخدام ينحكم بالعديد من الضوابط والشروط والتي من أهمها:
- لابد أن يختار الباحث الأداة التي تناسب أفراد عينة البحث الميداني أو ظواهر البحث الميداني، على سبيل المثال لا يمكن للباحث اختيار الاستبيان لدراسة أفراد عينة لا يقبلون الحديث أو الانخراط مع الغرباء، وهنا يتوجه البحث للملاحظة كونها الأداة الأكثر مناسبة لأفراد عينة البحث الميداني في هذه الحالة.
- الإمكانيات المادية أمر ضروري، إذ أن أي أداة دراسة في البحث الميداني تتطلب تكاليف مالية. لابد للباحث أن يتأكد من توفر هذه التكاليف المالية.
- الوقت والمكان عاملان مهمان في الحكم على نجاح وفشل استخدام الباحث لأدوات دراسة البحث الميداني، على سبيل المثال كان البحث الميداني حول أفراد عينة في فصل الشتاء وبالتحديد في الشهر الثاني من السنة وفي منطقة جبلية معينة، فهنا لابد أن تكون الأداة متوافقة وممكنة التنفيذ بالنسبة للوقت والمكان الذي يحدده الباحث بناءاً على معطيات البحث الميداني.
- لابد أن يقوم الباحث بتجهيز أدوات دراسة البحث الميداني وفقاً لما يناسب أفراد العينة، على سبيل المثال كان أفراد العينة لا يملكون أجهزة حاسوب فهنا لن يقوم الباحث بإرسال استبيان إلكتروني لهم.
- يُشترط صحة اللغة المكتوب بها الاستبيان أو غيره.
نصائح عند استخدام أدوات الدراسة في كتابة الأبحاث:
لابد لنتائج استخدام الباحث لأدوات الدراسة في البحث الميداني أن تكون هذه النتائج محققة للأهداف، ولهذا نضع النصائح التالية:
- تحديد أفراد العينة الذين سيتم دراستهم يعتبر من العمليات الجوهرية في الحكم على سلام استخدام أداة جمع المعلومات في البحث الميداني. ولهذا تأكد من أن أفراد العينة محددين بشكل صحيح.
- اختبر الأداة قبل التنفيذ، وهذا الاختيار يكون على جزء من أفراد عينة البحث الميداني.
- يقع بعض الباحثين في خطأ التركيز على كمّ المعلومات، والمهم في استخدام أدوات دراسة البحث الميداني، هو حصول الباحث على المعلومات اللازمة من أفراد عينة البحث الميداني، لا الحصول على كمّ كبير من المعلومات، ولهذا اعرف المعلومات التي تريدها من أفراد عينة البحث الميداني قبل التنفيذ.
- فاضل بين أدوات الدراسة المختلفة ولا تتسرع في اختيار أداة البحث الميداني.
هل يمكن الجمع بين أكثر من أداة في البحث الميداني؟
أغلب مضامين البحث الميداني تكون مقتصرة على أداة دراسة واحدة، ولكن هناك بعض حالات البحث الميداني الذي تتطلب الجمع بين أكثر من أداة لإتمام دراسة الباحث لأفراد عينة البحث الميداني، ومن أكثر الأدوات التي يتم الجمع بينها هي الاستبيان والملاحظة، على سبيل المثال يقوم الباحث بجمع المعلومات من أفراد عينة البحث الميداني باستخدام الاستبيان لفئة تستجيب لهذا الاستبيان، ولكن قد يكون هناك فئة أخرى من أفراد عينة البحث الميداني أمية لا تقرأ ولا تكتب ويصعب تقبلها للاستبيان فيتم جمع المعلومات عنهم بواسطة الملاحظة.
حالات يُفضل فيها استخدام الاستبيان:
تنحكم عملية اختيار أداة من أدوات الدراسة بعدة عوامل وظروف، وفي هذه الفقرة نستوقف على بعض هذه الظروف والعوامل التي تشير للباحث بمناسبة اختيار الاستبيان من بين أدوات البحث الأخرى:
- أولاً: إذا كانت عينة البحث ذات خصائص يمكن أن تتفاعل مع الأسئلة وتجيب عليها، أو بالأحرى (العينة يمكنها الكتابة والقراءة).
- ثانياً: المعلومات المباشرة التي تأتي من تفكير وإحساس أفراد العينة يكون الاستبيان مناسباً لها، وذلك لأن أسئلة الاستبيان نفسها تثير لدى أفراد العينة التفكير والاحساس الذي تنبثق منها الإجابات.
- ثالثاً: البيانات الإحصائية ذات المتغيرات الكثيرة، يكون الاستبيان من أكثر أدوات الدراسة مناسبة لها.
- رابعاً: في حالة كانت عينة البحث منتشرة في أنحاء عديدة حول العالم، فإن الاستبيان الإلكتروني يكون الأكثر مناسبة، فلا ننسى أن هناك استبيان ورقي واستبيان إلكتروني.
- خامساً: الاستبيان مناسب لأفراد العينة ذات الحجم الكبير.
متى تكون الملاحظة الأكثر مناسبة لاختيارها؟
هناك حالات يكون فيها اختيار الباحث للملاحظة أكثر مناسبة من غيرها من أدوات الدراسة الأخرى، وأهم هذه الحالات هي:
- أولاً: إذا كان هناك خطر من الاندماج المباشر مع أفراد العينة، فإن الملاحظة هنا تكون البديل عن الاستبيان والمقابلة وباقي الأدوات.
- ثانياً: الظواهر الطبيعية وغيرها من الظواهر الحياتية، تكون الملاحظة هي أداة الدراسة الأكثر مناسبة لها.
- ثالثاً: العينات التي لا يمكنها الاستجابة للاستبيان والمقابلات، ويتطلب البحث الحصول المباشر على المعلومات من هذه العينات. هنا تكون بطاقة الملاحظة هي البديل الأفضل.
- رابعاً: كلما كان موضوع البحث مرتبط بالتجارب والعلوم الطبيعية يكون استخدام الملاحظة هو الأفضل.
- خامساً: الملاحظة تكون مناسبة في استخدامها في فترات قصر وقت الدراسة. فالاستبيان على سبيل المثال يتطلب الطباعة والتوزيع والجمع وأما الملاحظة فتتطلب المشاهدة المباشرة فقط.